حقق ليفربول فوزًا مميزًا جدًا على حساب مضيفه تشيلسي بهدفين لهدف في اللقاء الذي لُعب على أرضية ملعب ستامفورد بريدج لحساب الجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو لقاء عرف تفوقًا واضحًا للريدز
لم يقدم تشيلسي المُباراة المُنتظرة منه اليوم وذلك على أصعدة عديدة، فرجال كونتي فشلوا فشلًا ذريعًا في تعطيل ماكينة ليفربول، وهو أمر كان يتطلب عملًا جبارًا في خط الوسط من طرف الفريق ككل لا كانتي وحيدًا! في لحظة من اللحظات، كان يبدو أن كونتي يثق في نجمه الفرنسي لدرجة جعلته يُلقي عليه بالثقل الدفاعي في خط الوسط وحيدًا، وماذا عساه يفعل أمام ثلاثة لاعبين لا يكلون ولا يملون من الركض ويمتازون بالمهارة والسرعة (فينالدوم-لالانا-كوتينيو)؟
ماتيتش كان يحاول المساعدة دفاعيًا، لكنه بدا تائهًا بين رغبته في إجبار هنديرسون على القيام بتمريرات خاطئة بالضغط عليه باستمرار، وبين التراجع للوراء من أجل مساعدة زميله الفرنسي، والمعادلة كانت أبسط من ذلك. تشيلسي كان بحاجة واضحة للاعب يجيد الخروج بالكرة في المساحات الضيقة، وربما فابريجاس كان مناسبًا للعب ذلك الدور بعد أن فشل أوسكار تمامًا في لعبه، وكان يحتاج أيضًا لعمل دفاعي أكبر بكثير من طرف هازارد وويليان.
ولأقربكم أكثرمن الصورة، أعتقد أن كونتي كان يحتاج لفريق بروح شبيهة بالروح التي لعب بها منتخب إيطاليا أمام إسبانيا في يورو 2016 إن هو أراد الفوز بمباراة مثل هذه. لمواجهة فريق مثل فريق كلوب، فأنت تحتاج لإجباره على التراجع للخلف بكثافة كبيرة في خط الوسط وبانطلاقات مميزة في ظهر لاعبي الوسط، وهو أمر لم يحصل أبدًا اليوم سوى ناذرًا، وعندما حصل وتحرك ماتيتش جيدًا ليخلق الإضافة الهجومية، تمكن البلوز من تسجل هدف.
التساؤل الموالي الذي يطرح نفسه في مباراة اليوم هو التغييرات المتأخرة التي قام بها المُدرب الإيطالي! كنت قد أتفهم قراره بتأخير التغييرات للدقيقة الـ81 إن كان فريقه في حالة جيدة، لكنا نتحدث عن فريق متراجع جدًا بعد هدف كوشتا، بل وكان قاب قوسين أو أدنى من تلقي الهدف الثالث. تشيلسي كان بحاجة ماسة للاعب يوصل الكرة جيدًا للثلث الأخير من الملعب، وإلا، فإن
الاعتماد على الرواقين ووضع باتشوايي إلى جانب كوشتا في خطة 4-4-2 كان خيارًا معقولًا جدًا لا أعلم لم لم يلجأ له كونتي.
وفوق كل ذلك، لا يُمكن أن ننكر الأخطاء الدفاعية الفادحة لتشيلسي والتي زادت الطينة بلة....الفريق كان يعاني فعلًا في إيقاف خصمه، لكن الهدفين اللذين تلقاهما كان من خطأين دفاعيين فادحين كان يمكن تفاديهما. شخصيًا، لا أفهم كيف لدفاع فريق مثل تشيلسي أن يترك أربعة لاعبين خلفه في كرة ثابتة من تلك، ولا أفهم أكثر ماذا كان يفعل أربعة لاعبين من صفوف البلوز داخل منقطة الجزاء دون مراقبة أي خصم لهم! أما الهدف الثاني، فهو من سوء تشتيت للكرة كان بالإمكان تفاديه من دون شك.
خلاصات سريعة: أصبح أكيدًا أن تشيلسي مع كونتي يعاني الأمرين عندما يتعرض للضغط...أصبح أكيدًا أيضًا أن فابريجاس لا يُمكن أن يجلس على مقاعد البدلاء. ومن الأكيد أيضًا أن تشيلسي أفضل ب4-4-2 على 4-2-3-1، كما أني لست متأكدّا من أن تشيلسي كان محتاجًا لمُدافع بمواصفات لويز.
كلمة السر: إن كانت هناك نقطة واحدة لعبت لصالح ليفربول في الشوط الأول، فهي خط وسطه، وعن أي خط وسط نتحدث!! عن خط وسط يمتاز بحركية جعلت حتى كانتي نفسه لا يعرف كوعه من بوعه أثناء الضغط لاسترجاع الكرة، عن خط وسط ضغط على خصمه حتى خنقه، فجعله عاجزًا تمامًا عن الخروج بالكرة في العمق بل وافتك كرات كثيرة في مناطق مميزة جدًا، وأخيرًا عن خط وسط كان يوصل الكرة لثلاثي الهجومي بشكل رائع، وهي مهام جعلتنا في النصف الأول من اللقاء لا نرى سوى طرفًا واحدًا تقريبًا.
تألق خط وسط الريدز راجع لعدة أسباب، وأولها المستوى المميز جدًا الذي بصم عليه هينديرسون، والذي بصم على شوط أول خرافي: اعترض 4 كرات، كل مراوغاته كانت ناجحة ومرر 35 كرة صحيحة، علمًا أنه سجل هدفًا رائعًا. هينديرسون كان الرجل المرجعي في خط وسط الليفر، والذي حام حوله كل من فينالدوم ولالانا، فيما قام كوتينيو بعمل دفاعي غير معهود عليه أبدًا، وهو ما يفسر ربما خيار كلوب المفاجئ بوضع فيرمينو على دكة البدلاء وإقحام كوتينيو.
ذلك الثلاثي (فينالدوم، لالانا وكوتينيو) قاموا بضغط متقدم مميز جدًا جعل تشيلسي يعاني الأمرين من أجل الخروج بالكرة من مناطقه، وهو ما يفسر لقطة هدف هينديرسون مثلًا، فيما كان أيضًا مهمًا جدًا في الشق الهجومي، فنحن نتحدث عن ثلاثي مهاري جدًا وقادر على خلق متاعب كثيرة لدفاعات الخصوم.
الليفر استغل أيضًا تعدد أسلحته الهجومية، فكانت الأروقة اليوم إحدى أبرز منافذه نحو مرمى تيبو كورتوا. كلوب يعتمد على أظهرة تُجيد العمل الهجومي دون مشاكل، ناهيك عن دور الثلاثي الذي تطرقنا له أعلاه، والذي يتحول اثنين منه للطرفين عقب استعادة الكرة، وإن أضفنا إلى ذلك تحرك ستوريدج وماني المميز سواءً داخل أو خارج منطقة الجزاء، فسنجذ أنفسنا أمام فريق قادر على إيجاد الطريق نحو مرماك من جميع الجهات وعبر جميع السبل.
لماذا تراجع الليفر مع بداية الشوط الثاني؟ السبب واضح في رأيي، وهو تراجع الضغط الذي كان يفرضه في النصف الأول من اللقاء، وهو ماجعل تشيلسي يجد حرية أكبر في التدرج بالكرة نحو الأمام. نعلم طبعًا أنه من المُستحيل أن يواصل فريق ما بنفس نسق الضغط طيلة التسعين دقيقة، لكني أعتقد أن مشكلة ليفربول كانت نفسية أكثر منها بدنية. ربما اللاعبون مالوا للتراجع للخلف من أجل الدفاع عن نتيجتهم، وهو أمر لا تُجيد أندية كلوب القيام به أبدًا، لكن ما إن سجل دييجو كوشتا حتى عادة الأمور إلى نصابها مجددًا، وشاهدنا تفوقًا واضحًا للريدز.
إن كنا قد تحدثنا عن السوء الكبير الذي ظهر به دفاع تشيلسي اليوم، فبالمقابل، كان خط دفاع ليفربول مميزًا جدًا ليس فقط في تأدية المهام الدفاعية، بل في مساعدة الفريق على تطبيق الفكرة التي دخل بها اللقاء والكامنة في الضغط المتقدم على الخصم وبناء الهجمة بشكل منظم. نحن نتحدث عن مُدافعين بنسبة تمريرات صحيحة وصلت لـ95% (ماتيب مثلًا)، علمًا أنه كان دائمًا ما يوصل الكرة للرجل المناسب في المكان المناسب، وهو أمر مطلوب جدًا في الفرق التي تلعب بخطوط متقدمة على غرار برشلونة مثلًا.
وأخيرًا أحب أن أذكر أن النظر إلى نتائج ليفربول أمام الأندية الكبيرة يجعلنا نعتقد أننا أمام منافس حقيقي على اللقب: فاز على آرسنال وتشيلسي خارج ملعبه، ثم على بطل الدوري ليستر سيتي، لكنه إنه أراد أن يكون منافسًا حقيقيًا فعلًا على اللقب، فعليه أن يتفادى ما يحصل له أما خصوم مثل بيرنلي.
SOCIALIZE IT →